الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

التّدوين.. طريق التّكّسب


بدأت المدونات كمواقع ويب مختلفة عن السائد تتيح لأصحابها مشاركة اهتماماتهم مع الغير بسهولة ويسر، ثم غذت بسرعة وسيلة حرة للتعبير عن الرأي وأداة لتشكيل الرأي العام والتأثير على صناع القرار. وأخيرا أصبحت صناعة قائمة بذاتها لها مواردها وروادها وسوقا تسعى كثير من الشركات إلى الإستحواذ على نصيبها منه.
التدوين كان في البداية مجرد هواية، والآن أصبح مهنة لعدد كبير من المدونين حول العالم. لكن لم يكن من السهل التصديق بأن المدونات يمكن أن تحقق لأصحابها عائدا ماديا معقولا إلى أن بدأ الرواد الأوائل المتربحين من التدوين يفصحون عن عائداتهم المالية من التدوين الإحترافي. وبدأ آنذاك مصطلح “مدون محترف” في الإنتشار دلالة على من يمارس التدوين، لا كمجرد هواية، بل كنشاط إحترافي تجاري من أجل كسب المال.
إذا كان التدوين الشخصي هو التدوين من أجل إكتساب أصدقاء جدد ومشاركة الخبرات الذاتية، فإن التدوين الإحترافي هو التدوين من أجل كسب المال.
الطريق السريع للإغتناء
للتدوين الإحترافي أشكال مختلفة وللتربح من التدوين أكثر من أسلوب. لكن هناك حقيقة يتفق عليها رواد التدوين الإحترافي: التدوين ليس طريقة سهلة للإثراء السريع. لا يمكنك تحقيق العوائد المالية الكبيرة من التدوين بسهولة وبسرعة. يمكنك إستثمار مبلغ صغير في البورصة، ثم بعد أسابيع (أو أيام قليلة) بضربات حظ متتالية ستصبح مليونيرا! أما التربح من التدوين فيحتاج وقتا وجهدا غير يسيرين.
لا أقول هذا لإحباطكم. بل لتجنيبكم الإحباط لو جربتم التدوين الإحترافي وتفاجأتم من أن العائد المادي ليس بالحجم الذي تصورتم. الأمر يحتاج إلى صبر وتخطيط.. ومعرفة.
الإحتراف والتفرغ
إحتراف التدوين لا يعني بالضرورة التفرغ لممارسة التدوين. فالتدوين الإحترافي له أشكال متعددة من الممارسات –سنتعرف عليها تباعا في المقالات القادمة- يمكن للمدون المحترف أن يختار منها ما يناسبه.
من جهة أخرى التفرغ للتدوين لا يعني أن المتفرغ أصبح مدونا محترفا. فالمدون إن لم يكن قادرا على تحقيق أي عائد مادي من ممارسته للتدوين (بأي شكل من الأشكال) فلن يكون مدونا محترفا حتى ولو كان متفرغا طيلة اليوم للكتابة في المدونات.
أشكال التربح من التدوين
سأتطرق هنا بلمحة سريعة لأشكال التربح من التدوين، وسيكون لي لاحقا أكثر من عودة لتفصيل بعض النقاط.
مبدئيا يتم تقسيم أشكال التربح من التدوين، أو مصادر الكسب من التدوين الإحترافي، إلى قسمين: الكسب عن طريق المداخيل المباشرة، والكسب عن طريق المداخيل غير المباشرة.
طرق الكسب المباشر من التدوين هي الأساليب التي تتيح للمدون جني المداخيل المالية مباشرة من مدونته. مثل: نشر الإعلانات، الحصول على عقود الرعاية، كتابة المراجعات للمنتجات والخدمات التجارية، تلقي التبرعات من قراء المدونات… إلخ.
أما الكسب غير المباشر من التدوين فهو ما يحققه المدون بفضل مدونته. مثل خلق علامة تجارية لنفسه، تنمية شبكة علاقاته، تسويق نفسه كخبير في المواضيع التي يكتب عنها… إلخ. وهو ما يتيح له تحقيق عوائد مباشرة عن طريق بين خدماته ومنتجاته، مثل: الكتابة في مدونات أخرى (أو صحف) بمقابل مادي، المشاركة في تأليف الكتب، إلقاء المحاضرات وتنظيم الورشات… إلخ.
كيف تختار شكل الكسب المناسب؟ لا جواب مباشر. الأمر مرتبط بما يمكنك تقديمه وما تملكه من خبرات. يمكنك دائما تجربة أشكال متعددة من الكسب قبل أن تختار شكلا واحدا. ويمكنك أيضا إختيار أكثر من أسلوب في نفس الوقت.
مدونة واحدة لا تكفي
مدونة إحترافية واحدة قد لا تكون ضامنا للحفاظ على تجربة تدوينية إحترافية آمنة. نعم يمكنك تحقيق مداخيل مالية معقولة، وهناك مدونات إحترافية، وفق شروط معينة، يمكنها لوحدها أن تحقق مداخيل كبيرة. لكن من يبحث عن مداخيل أكبر ونمو متواصل آمن، سيحتاج إلى أكثر من مدونة واحدة.
على عكس أسلوب الكسب غير المباشر من التدوين، الذي لا بتطلب عادة سوى مدونة واحدة يسوق فيها المدون لنفسه وخبراته، فإن أساليب الكسب غير المباشرة من التدوين تحتاج إلى أكثر من مدونة، لأن متطلبات شريحة القراء لكل مدونة تختلف عن الأخرى، والأسلوب التربحي الذي ينفع مع شريحة معينة لا ينفع مع شريحة أخرى.
لذلك من الأفضل الكتابة في أكثر من مدونة –متخصصة طبعا- ليتسنى لك تجربة أساليب الربح من التدوين المتعددة ولتنويع مصادر الدخل. بمعنى آخر: لا تضع كل البيض في سلة واحدة!

منقول عن مدونة محمد الساحلي.

العنوان الأصلي للموضوع/ ما هو التدوين الاحترافي؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق